قال: وهل تجد حديثاً تبلغ به رسولَ الله مرسلاً عن ثقة لم يقل أحداً من أهل الفقه به؟
قلت: نعم، أخبرنا سفيان عن محمد بن المنكدر: أن رجلاً جاء الى النبي، فقال: يا رسول الله! إن لي مالاً وعيالاً، وإن لأبي مالاً وعيالاً، وإنه يريد أن يأخذ مالي، فيُطعِمَهُ عياله. فقال رسول الله: "أنت ومالك لأبيك". (1)
-[468]- فقال: أما نحن فلا نأخذ بهذا، ولكن من أصحابك من يأخذ به؟
فقلت: لا، لأن مَن أخذ بهذا جعل للأب الموسر أن يأخذ مال ابنه.
قال: أجل، وما يقول بهذا أحد. فلمَ خالفه الناس؟
قلت: لأنه لا يَثبت عن النبي، وأن الله لما فرض للأب ميراثه من ابنه، فجعله كوارثٍ غيرِه، فقد يكون أقلَّ حظاً من كثير من الورثة: دلَّ ذلك على أن ابنه مالكٌ للمال دونه.
قال: فمحمد بن المنكدر عندكم غاية في الثقة؟
قلت: أجل، والفضلِ في الدين والورع، ولكنا لا ندري عن من قَبِل هذا الحديث.
وقد وصفت لك الشاهدين العدلين يشهدان على -[469]- الرجل فلا تُقبل شهادتهما حتى يُعَدِّلاهما أو يُعدلهما غيرهما.