أخبرنا "مالك" عن "محمد بن يحيى بن حَبَّان" عن "الأعرج" عن "أبي هريرة": " أنَّ رَسُولَ اللهِ نَهَى عَنِ الصَّلَاةِ بَعْدَ العَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ، وَعَنِ الصَّلَاةِ بَعْدَ الصُّبْحِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ " (?) .
أخبرنا "مالك" عن "نافع" عن "ابن عمر" أن رسول الله قال: -[317]- " لاَ يَتَحَرَّى (?) أَحَدُكُمْ بِصَلاَتِهِ عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَلاَ عِنْدَ غُرُوبِهَا " (?) .
أخبرنا "مالك" عن "زيد بن أسلم" عن "عطاء بن يسار" عن "عبد الله الصُّنَابِحِيِّ"، أنَّ رسولَ الله قال: " إنَّ الشَّمْسَ تَطْلُعُ -[320]- وَمَعَهَا قَرْنُ الشَّيْطَانِ، فَإِذَا ارْتَفَعَتْ فَارَقَهَا، ثُمَّ إذَا اسْتَوَتْ قَارَنَهَا، فَإِذَا زَالَتْ فَارَقَهَا، ثُمَّ إذَا دَنَتْ لِلْغُرُوبِ قَارَنَهَا، فَإِذَا غَرُبَتْ فَارَقَهَا، وَنَهَى رَسُولُ اللهِ عَنِ الصَّلاَةِ فِي تِلْكَ السَّاعَاتِ " (?) .
فاحتمل النهي من رسول الله عن الصلاة في هذه الساعات معنيين:
- أحدهما: - وهو أعَمُّهما - أنْ تكون الصلوات كلها، واجِبها الذي نُسي ونيم عنه، وما لزم بوجه من الوجوه منها: مُحَرَّمًا في هذه الساعات، لا يكون لأحد أن يُصلي فيها، ولو صلى لم يؤدي (?) ذلك عنه ما لزمه من الصلاة، كما يكون مَنْ قدَّم صلاةً قبْل دخول وقتها لم تُجْزي عنه.
-[321]- واحتمل أن يكون أراد به بعض الصلاة دون بعض.
فوجدنا الصلاة تتفرق بوجهين: أحدهما: ما وجب منها فلم يكن لمسلم تركُه في وقته، ولو تركه كان عليه قَضَاهُ، والآخر: ما تقرب إلى الله بالتنقل فيه، وقد كان للمتنقل تركُه بلا قَضًا له عليه.
ووجدنا الواجب عليه منها يُفارق التَّطَوُّع في السَّفر إذا كان المرء راكباً، فيصلي المكتوبة بالأرض، لا يجزئه غيرُها، والنافلةَ راكباً مُتَوجهاً حيث شاء.
ومُفَرَّقان في الحضر والسفر، ولا يكون لِمَنْ أطاق -[322]- القيامَ أن يصلي واجِبًا من الصَّلاة قاعداً، ويكون ذلك له في النافلة.
فلَمَّا احتمل المعنيين، وجب على أهل العلم أن لا يحملوها على خاصٍّ دون عامٍّ إلا بدِلالة، مِن سنة رسول الله، أو إجماع علماء المسلمين، الذين لا يمكن أنْ يُجْمِعُوا على خلاف سنةٍ له.