قال الله: " وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ، وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (234) " [البقرة] .
فذَكَر اللهُ أنَّ على المُتَوَفَّى عَنْهُنَّ عِدَّةً، وأنهُنَّ إذا بَلَغْنَهَا فَلهُنَّ أنْ يَفْعلْنَ في أنْفُسهِنَّ بالمَعْروف، ولم يَذْكر شيئاً تجتنبه في العِدة.
قال: فكان ظاهرُ الآية أنْ تُمْسِكَ المعتدَّةُ في العِدَّة عَن الأزواج فَقَطْ، مع إقامتها في بَيْتها -: بالكِتاب.
وكانتْ تَحْتمل أن تُمْسِكَ عن الأزواج، وأن يكون عليها في الإمساك عن الأزواج إمساكٌ عَنْ غَيْرِه، مِمَّا كان مُباحا لها قَبْلَ العِدَّة مِنْ طِيبٍ وَزِينَة.
-[210]- فلَمَّا سَنَّ رسولُ الله على المُعْتَدَّة مِن الوفاة الإمساك عن الطِّيبِ وغَيْرِه، كان عليها الإمساكُ عن الطيب وغيره بِفَرْض السُّنَّة، والإمساكُ عن الأزواج والسُّكْنَى في بَيْت زوْجها بالكتاب ثم السُّنة.
واحتملت السنةُ في هذا المَوْضِع ما احتملتْ في غيره: مِنْ أن تكونَ السنةُ بَيَّنَتْ عَنِ الله كَيْف إمساكُها، كما بَيَّنَت الصلاةَ والزكاةَ والحَجَّ، واحتملتْ أنْ يكونَ رسولُ الله سَنَّ فيما ليس فيه نصُّ حُكْمٍ لِلَّهِ.