وقال الله لنبيه: " قُلْ: لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ، فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ (145) " [الأنعام] .

فاحتملتْ الآيةُ مَعْنَيَيْنِ: أحدُهما: أنْ لا يَحْرُمَ على طاعِمٍ أبَداً إلا ما اسْتَثْنَى اللهُ.

وهذا المعنى الذي إذا وُجِّهَ رجلٌ مُخَاطَبًا به كانَ الذي -[207]- يَسْبِقُ إليه أنَّه لا يَحْرُمُ غيرُ ما سَمَّى اللهُ مُحَرَّمًا، وما كان هكذا فهو الذي يقولُ له: أظْهَرُ المعاني وأعمُّها وأغْلَبُها، والذي لو احتملت الآيةُ معنى سِواه كان هو المعنى الذي يَلْزَمُ أهلَ العِلْم القوْلُ به، إلا أنْ تأتِيَ سنةُ النبي تدُلُّ على معنىً غيْرِهِ، مما تحتمله الآية، فيقولَ: هذا معنى ما أراد الله تبارك وتعالى.

ولا يقال بخاصٍّ في كتاب الله ولا سُنةٍ إلا بِدِلالةٍ فيهما أو في واحِدٍ مِنهما. ولا يقال بخاصٍّ حتى تكون الآية تحتمل أن يكون أُرِيدَ بها ذلك الخاصُّ، فأمَّا ما لم تكنْ مُحْتَمِلةً له فلا يقال فيها بما لم تحتمل الآيةُ.

ويحتمل قولُ الله: " قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ (145) " [الأنعام] ، من شيء سُئِلَ عنْه رسولُ الله دون غَيْرِه.

-[208]- ويَحْتمل: مِمَّا كُنْتُمْ تأكُلُونَ. وهذا أَوْلَى مَعَانِيه، استدلالاً بالسُّنة عليه، دون غَيْرِه.

أخبرنا "سفيان" عن "ابن شهاب" عن "أبي إدريسَ الخَوْلَانِيِّ" عن "أبي ثَعْلَبَةَ": " أنَّ النَّبِيَّ نَهَى عَنْ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ " (?) .

أخبرنا "مالك" عن "إسماعيلَ بن أبي حَكِيم" عن عَبِيدَةَ بن سفيان الحَضْرَمِيِّ" عن "أبي هُرَيْرَةَ"، عن النبي قال: " أَكْلُ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ حَرَامٌ " (?) .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015