قال "الشافعي ": قال الله تبارك وتعالى: " ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ (199) " [البقرة] ، فالعلم يحيط - إن شاء الله - أن الناس كلهم لم يحضروا عرفة في زمان رسول الله، ورسول الله المخاطبُ بهذا ومَن معه، ولكنَّ صحيحاً من كلام العرب أن يقال: " ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ "، يعني بعضَ الناس.

وهذه الآية في مثل معنى الآيتين قبلها، وهي عند العرب سواء. والآية الأولى أوضح عند من يجهل لسان العرب من الثانية، والثانيةُ أوضح عندهم من الثالثة، وليس يختلف عند العرب وضوح هذه الآيات معا؛ لأن أقل البيان عندها كاف من أكثره، إنما يريد السامعُ فَهْمَ قول القائل، فأقل ما يفهمه به كافٍ عنده.

-[62]- @ وقال الله جل ثناؤه: " وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ (24) " [البقرة] ، فدل كتاب الله على أنه إنما وقودها بعضُ الناس، لقول الله: " إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى. أُوْلَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ (101) " [الأنبياء] .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015