قال الله تبارك وتعالى: " إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا. إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ (13) " [الحجرات] ،
وقال تبارك وتعالى: " كُتِبَ عَلَيْكُمْ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (183) أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ (184) " [البقرة] ،
وقال: " إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا (103) " [النساء] ،
قال: فبيَّنَ في كتاب الله، أنَّ في هاتين الآيتين العمومَ والخصوصَ:
-[57]- فأمَّا العموم منهما، ففي قول الله: " إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا (13) " [الحجرات] ، فكل نفس خوطبت بهذا، في زمان رسول الله، وقبله وبعده، مخلوقةٌ من ذكر وأنثى، وكلها شعوب وقبائل.
والخاص منها في قول الله: " إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ (13) " [الحجرات] ؛ لأن التقوى تكون على من عَقَلَها، وكان من أهلها من البالغين من بني آدم، دون المخلوقين من الدوابّ سِواهم، ودون المغلوبين على عقولهم منهم، والأطفال الذين لم يبلغوا وعُقِل التقوى منهم.
فلا يجوز أن يُوصف بالتقوى وخلافها إلا من عَقَلها وكان من أهلها، أو خالفها فكان من غير أهلها.
والكتاب يدل على ما وصفتُ، وفي السنة دلالة -[58]- عليها، قال رسول الله: " رُفِعَ القَلَمُ عَنْ ثَلَاثَة: النَّائِمُِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ، والصَّبِيُِّ حتى يَبْلُغَ، وَالمَجْنُونُِ حَتَّى يُفِيقَ " (?) .
وهكذا التنزيل في الصوم والصلاة: على البالغين العاقلين، دون من لم يبلغ، ومن بلغ ممن غُلِبَ على عقله، ودون الحُيَّضِ في أيام حَيْضِهِنَّ.