وطبقاتهم في الثقافة والمجتمع، وأنه لم يكن هناك أيّ قيد يمنع أيّ إنسان من الالتحاق بها، فكأنها مأدبة كريم يدعو الجفلى. فتعالوا نلق نظرة أخرى على هذه المدرسة؛ لنصدر حكمنا الصحيح على حقيقتها، ومكانتها، ومنزلتها من معاهد الهداية والحكمة. ولنر إن كانت خاصّة بعلم دون غيره من العلوم، أم هي جامعة كبرى يجد فيها طلاب المعارف أجمعون كلّ ما ينشدون، ويتعطشون إلى معرفته من حقائق الوجود، ليختاروا منها ما يوافق أذواقهم، ويلائم طباعهم، ويروي ظمأهم. انظر إلى مدرسة موسى عليه السلام؛ تجدوا فيها عددا من قادة الجيش، أو قضاة المحاكم، أو طائفة قليلة من ذوي المناصب الدّينية، وابحثوا عن تلاميذ عيسى سلام الله عليه؛ تجدوا فيهم طائفة من الزهّاد والنساك، يتنقلون بين سكك فلسطين، ويتجوّلون في شوارع مدنها. أما الذين دخلوا في الإسلام، واتّبعوا محمدا صلّى الله عليه وسلم؛ فتجدون فيهم أصحمة النجاشي (?) ملك الحبشة، وفروة عظيم معان، وذا الكلاع (?) رئيس حمير، وفيروزا الديلمي، ومركبود من سادة اليمن ورؤسائها، وعبيدا وجيفرا من ولاة عمان. انظروا مرّة أخرى تجدوا يما يقابل هؤلاء الملوك والولاة والرؤساء بلالا، وياسرا (?) ، وصهيبا، وخبّابا، وعمارا (?) ، وأبا فكيهة (?) من العبيد