وَأَمَّا طرح الخرقة فحق المريد أَن لا يرجع فِي شَيْء خرج منه ألبته، اللَّهُمَّ إلا أَن يشير إِلَيْهِ شيخ بالرجوع فِيهِ فيأخذه عَلَى نية العارية بقلبه ثُمَّ يخرج عَنْهُ بعده من غَيْر أَن يستوحش قلب ذَلِكَ الشيخ وإذا وقع بَيْنَ قوم عادتهم طرح الخرق وعلم أنهم يَرْجِعُونَ فِيهَا فَإِن لَمْ يكن فيهم شيخ تجب حشمته وحرمته وَكَانَ طريق هَذَا المريد أَن لا يعود فِي الحرقة فالأحسن أَن يساعدهم فِي الطرح ثُمَّ يؤثر بِهِ القوال إِذَا رجعوا هُمْ فِيهَا ولو لَمْ يطرح فَإِنَّهُ يَجُوز إِذَا علم من عادة الْقَوْم أنهم يعودون فيما طرحوا فَإِن القبيح إِنَّمَا هُوَ سنتهم فِي العودة إِلَى الخرق لا فِي مخالفته لَهُمْ عَلَى أَن الأولى الطرح عَلَى الموافقة ثُمَّ ترك الرجوع فِيهِ ولا يسلم للمريد البتة عَنِ التقاضي عَنِ القول، لأن صدق حاله يحمل القول عَلَى التكرار ويحمل غيره عَلَى الاقتضاء ومن تبرك بمريد فَقَدْ جار عَلَيْهِ لأنه يضره لقلة قوته فالواجب عَلَى المريد ترك تربية الجاه عِنْدَ من قَالَ بتركه وإثباته.
فصل وإن ابتلى مريد بجاه أَوْ معلوم أَوْ صحبة حدث أَوْ ميل إِلَى امْرَأَة أَوِ استنامة إِلَى معلوم وليس هناك شيخ يدله عَلَى حاله يتخلص من ذَلِكَ فعند ذَلِكَ حل لَهُ السفر والتحول عَن ذَلِكَ الموضع ليشوش عَلَى نَفْسه تلك الحالة ولا شَيْء أضر لقلوب المريدين من حصول الجاه لَهُمْ قبل خمود بشريتهم ومن آداب المريد أَن لا يسبق علمه هذه الطريقة منازلته فَإِنَّهُ إِذَا تعلم سير هذه الطائفة وتكلف الوقوف عَلَى معرفة مسائلهم وأحوالهم قبل تحققه بِهَا بالمنازلة والمعاملة بَعْد وصوله إِلَى هذه المعاني ولهذا قَالَ المشايخ: إِذَا حدث العارف عَنِ المعارف فجهلوه فَإِن الأخبار عَنِ التنازل دُونَ المعارف، ومن غلب علمه منازلته فَهُوَ صاحب علم لا صاحب سلوك.