وليعلم أَن الأمور قسم وإنما يتخلص العبد عَن هَذَا باكتفائه بوجود الحق وقدمه عَن مقتضى جوده ونعمه فَكُل من رأيت أيها المريد قدم الحق سبحانه رتبته فاحمل أَنْتَ غاشيته فَإِن الظرفاء من القاصدين عَلَى ذَلِكَ استمرت سنتهم.
فصل واعلم أَن من حق المريد إِذَا اتفق وقوعه فِي جَمِيع إيثار الكل بالكل فيقدم الجائع والشبعان عَلَى نَفْسه ويتلمذ لكل من أظهر عَلَيْهِ التشيخ وإن كَانَ هُوَ أعلم منه ولا يصل إِلَى ذَلِكَ إلا بتبريه عَن حوله وقوته وتوصله إِلَى ذَلِكَ بطول الحق ومنته.
فصل وَأَمَّا آداب المريد فِي السماع فالمريد لا تسلم لَهُ الحركة فِي السماع بالاختيار البتة فَإِن ورد عَلَيْهِ وارد حركة وَلَمْ يكن فِيهِ فضل قوة فبمقدار الغلبة يعذر فَإِذَا زالت الغلبة يجب عَلَيْهِ القعود والسكون فَإِن استدام الحركة مستجلبا للوجد من غَيْر غلبة وضرورة لَمْ يصح فَإِن تعود ذَلِكَ يبقى متخلفا لا يكاشف بشيء من الحقائق فغاية أحواله حينئذ أَن يطيب قلبه وَفِي الجملة أَن الحركة تأخذ من كُل متحرك وتنقص من حاله مريدا كَانَ أَوْ شيخا إلا أَن يَكُون بإشارة من الوقت أَوْ غلبة تأخذ عَنِ التمييز فَإِن كَانَ مريدا أشار عَلَيْهِ الشيخ بالحركة فتحرك عَلَى إشارته فلا بأس إِذَا كَأَنَّهُ الشيخ مِمَّن لَهُ حكم عَلَى أمثاله وَأَمَّا إِذَا أشار عَلَيْهِ الفقراء بالمساعدة فِي الحركة فيساعدهم فِي القيام وَفِي أداء مالا يجد منه بدا مِمَّا يراعى عَنِ الاستيحاش لقلوبهم ثُمَّ إِن صدقه فِي حاله يمنع قلوب الفقراء من سؤالهم عِنْدَ المساعدة معهم