وإما فِي اليقظة أَوْ بَيْنَ اليقظة والنوم من خطاب يسمع أَوْ معنى يشاهد مِمَّا يَكُون نقضا للعادة فينبغي أَن لا يشتغل بِذَلِكَ ألبته ولا يسكن إِلَيْهِ ولا ينبغي أَن ينتظر حصول أمثال ذَلِكَ فَإِن ذَلِكَ كُلهُ شواغل عَنِ الحق سبحانه ولا بد لَهُ فِي هذه الأحوال من وصف ذَلِكَ لشيخه حَتَّى يصير قلبه فارغا عَن ذَلِكَ ويجب عَلَى شيخه أَن يحفظ عَلَيْهِ سره فيكتم عَن غيره أمره ويصغر ذَلِكَ فِي عينه فَإِن ذَلِكَ كُلهُ اختبارات والمساكنة إِلَيْهَا مكر فليحذر المريد عَن ذَلِكَ وعن ملاحظتها وليجعل همته فَوْقَ ذَلِكَ، واعلم أَن أضر الأشياء بالمريد استئناسه بِمَا يلقي إِلَيْهِ فِي سره من تقريبات الحق سبحانه لَهُ ومنته عَلَيْهِ بأني خصصتك بِهَذَا وأفردتك عَن أشكالك فَإِنَّهُ لو قَالَ بترك هَذَا فعن قريب سيختطف عَن ذَلِكَ مِمَّا يبدو لَهُ من مكاشفات الحقيقة وشرح هذه الجملة بإثباته فِي الكتب معتذر ومن أحكام المريد إِذَا لَمْ يجد من يتأدب بِهِ فِي موضعه أَن يهاجر إِلَى من هُوَ منصوب فِي وقته لإرشاد المريدين ثُمَّ يقيم عَلَيْهِ ولا يبرح عَن سدته إِلَى وقت الإذن.
واعلم أَن تقديم معرفة رب الْبَيْت عَلَى زيارة الْبَيْت واجب فلولا معرفة رب الْبَيْت مَا وجبت زيارة الْبَيْت والشبان الَّذِينَ يخرجون إِلَى الحج من هَؤُلاءِ الْقَوْم من غَيْر إشارة الشيوخ فَهِيَ بدلالات نشاط النفوس فَهُمْ متوسمون بِهَذِهِ الطريقة وليس سفرهم عَلَى أصل والذي يدل عَلَى ذَلِكَ أَنَّهُ لا يزداد سفرهم إلا وتزداد تفرقة قلوبهم فلو أنهم ارتحلوا من عِنْدَ أنفسهم بخطوة لكان أحظى لَهُمْ من ألف سفرة