الشبلي يكتحل بالملح بعده حَتَّى كَانَ لا يأخذه النوم، وَفِي معناه أنشدوا:
عجبا للمحب كَيْفَ ينام ... كُل نوم عَلَى المحب حرام
وقيل: المريد أكله فاقة ونومه غلبة وكلامه ضرورة.
وقيل: لما نام آدم عَلَيْهِ السَّلام بالحضرة قيل لَهُ هذه حواء لتسكن إِلَيْهَا هَذَا جزاء من نام بالحضرة.
وقيل: إِن كنت حاضرا فلا تنم فَإِن النوم بالحضرة سوء أدب وإن كنت غائبا فأنت من أهل الحسرة والمصيبة والمصاب لا يأخذه النوم، وَأَمَّا أهل المجاهدات فنومهم صدقة من اللَّه عَلَيْهِم وأن لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ يباهي بالعبد إذ نام فِي سجوده يَقُول: انظروا إِلَى عبدي روحه عندي وجسده بَيْنَ يدي.
قَالَ الأستاذ يَعْنِي: روحه فِي محل النجوى وبدنه عَلَى بساط العبادة.
وقيل: كُل من نام عَلَى الطهارة يؤذن لروحه أَن تطوف بالعرش وتسجد لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ.
قَالَ اللَّه تَعَالَى: {وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتًا} [النبأ: 9] سمعت الأستاذ أبا عَلِي الدقاق يَقُول: شكا رجل إِلَى بَعْض المشايخ من كثرة النوم.
فَقَالَ: اذهب واشكر اللَّه تَعَالَى عَلَى العافية فكم من مريض فِي شهوة غمضة من النوم الَّذِي تشكو منه.
وقيل: لا شَيْء أشد عَلَى إبليس من نوم العاصي يَقُول: مَتَى ينتبه ويقوم حَتَّى يعصى اللَّه.
وقيل: أَحْسَن أحوال العاصي أَن ينام إِن لَمْ يكن الوقت لَهُ لَمْ يكن عَلَيْهِ.
سمعت الأستاذ أبا عَلِي الدقاق يَقُول: تعود شاه الكرماني السهر فغلبه النوم مرة فرأى الحق سبحانه فِي النوم فكان يتكلف النوم بَعْد ذَلِكَ فقيل لَهُ فِي ذَلِكَ.
فَقَالَ: رأيت سرور قلبي فِي منامي فأحببت التنعس والمناما وقيل: كَانَ رجل لَهُ تلميذان فاختلفا فيما بينهما.
فَقَالَ أحدهما: النوم خير، لأن الإِنْسَان لا يعصى فِي تلك الحالة.
وَقَالَ الآخر: اليقظة خير لأنه يعرف اللَّه تَعَالَى فِي تلك الحالة