وَقَالَ يَحْيَي بْن معاذ: من نشر المحبة عِنْدَ غَيْر أهلها فَهُوَ فِي دعواه دعى.
وقيل ادعى رجل الاستهلاك فِي محبة شخص.
فَقَالَ لَهُ الشاب: كَيْفَ هَذَا وَهَذَا أَخِي أَحْسَن مني وجها وأتم جمالا؟ فرفع الرجل رأسه يلتفت وكانا عَلَى سطح فألقاه من السطح.
وَقَالَ هَذَا أجر من يدعي هوانا وينظر إِلَى سوانا.
وَكَانَ سمنون يقدم المحبة عَلَى المعرفة والأكثرون يقدمون المعرفة عَلَى المحبة وعند المحققين المحبة استهلاك فِي لذة والمعرفة شهود فِي حيرة وفناء فِي هيبة.
وَقَالَ أَبُو بَكْر الكتاني: جرت مسألة فِي المحبة بمكة أَيَّام الموسم فتكلم الشيوخ فِيهَا وَكَانَ الجنيد أصغرهم سنا فَقَالُوا لَهُ: هات مَا عندك يا عرقي , فأطرق رأسه ودمعت عيناه , ثُمَّ قَالَ: عَبْد ذاهب عَن نَفْسه , متصل بذكر ربه , قائم بأداء حقوقه , ناظر إِلَيْهِ بقلبه , أحرق قلبه أنوار هويته , وصفا شربه من كأس وده , وانكشف لَهُ الجبار من أستار غيبه , فَإِن تكلم فبالله , وإن نطق فعن اللَّه , وإن تحرك فبأمر اللَّه , وإن سكن فمع اللَّه فَهُوَ بالله وَلِلَّهِ ومع لِلَّهِ , فبكى الشيوخ وَقَالُوا: مَا عَلَى هَذَا مزيد جبرك اللَّه تَعَالَى يا تاج العارفين.
وقيل: أوحى اللَّه تَعَالَى إِلَى دَاوُد عَلَيْهِ السَّلام: يا دَاوُد , إني حرمت عَلَى القلوب أَن يدخلها حبي وحب غيري فِيهَا.
أَخْبَرَنَا حَمْزَةُ بْنُ يُوسُفَ السَّهْمِيّ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَد بْن القاسم قَالَ: حَدَّثَنَا هميم بْن همام قَالَ: أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيم بْن الْحَارِث قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْد الرَّحْمَنِ بْن عَفَّان قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن أَيُّوبَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو الْعَبَّاس خادم الفضيل بْن عياض قَالَ: احتبس بول الفضيل فرفع يديه وَقَالَ: اللَّهُمَّ بحبي لَك إلا أطلقته عني.
قَالَ: فَمَا برحنا حَتَّى شفى.
وقيل: المحبة الإيثار كامرأة الْعَزِيز لما تناهت فِي أمرها قَالَتْ: {أَنَا رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ} [يوسف: 51] وَفِي الابتداء {قَالَتْ مَا جَزَاءُ مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوءًا إِلا أَنْ يُسْجَنَ أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [يوسف: 25] فوركت الذنب فِي الابتداء عَلَيْهِ وَفِي الانتهاء نادت عَلَى نفسها بالخيانة.
سمعت الأستاذ أبا عَلِي , يَقُول ذَلِكَ.