وَقَدْ تحمله تلك الحالة عَلَى التعظيم لَهُ , وإيثار رضاه , وقلة الصبر عَنْهُ , والاهتياج إِلَيْهِ , وعدم القرار من دونه , ووجود الاستئناس بدوام ذكره لَهُ بقلبه، وليست محبة العبد لَهُ سبحانه متضمنة ميلا , ولا اختطاطا , كَيْفَ وحقيقة الصمدية مقدسة عَنِ اللحوق , والدرك والإحاطة.

والمحب بوصف الاستهلاك فِي المحبوب أولى منه بأن يوصف بالاختطاط، ولا توصف المحبة بوصف , ولا تحد بحد أوضح , ولا أقرب إِلَى الفهم من المحبة والاستقصاء فِي المقال عِنْدَ حصول الإشكال , فَإِذَا زال الاستعجام والاستبهام سقطت الحاجة إِلَى الاستغراق فِي شرح الْكَلام وعبارات النَّاس عَنِ المحبة كثيرة , وتكلموا فِي أصلها فِي اللغة , فبعضهم قَالَ: الحب اسم لصفاء المودة، لأن العرب تقول لصفاء بياض الأسنان ونضارتها: حبب الأسنان وقيل: الحباب: مَا يعلو الماء عِنْدَ المطر الشديد فعلى هَذَا المحبة غليان القلب وتوارنه عِنْدَ العطش والاهتياج إِلَى لقاء المحبوب وقيل: إنه مشتق من حباب الماء بفتح الحاء وَهُوَ معظمه فسمى بِذَلِكَ، لأن المحبة غاية معظم مَا فِي القلب من المهمات وقيل: اشتقاقه من اللزوم والثبات يقال: أحب البعير وَهُوَ أَن يبرك فلا يقوم فكأن المحب لا يبرح بقلبه عَن ذكر محبوبه وقيل: الحب مأخوذ من الحب وَهُوَ القرط قَالَ الشاعر:

تبينت الحية النضناض منه ... مكان الحب تستمع السرارا

وسمى القرط حبا , إِمَّا للزومه للأذن , أَوْ لقلقه , وكلا المعنيين صحيح فِي الحب، وقيل: هُوَ مأخوذ من الحب , والحب جمع حبة , وحبة القلب: مَا بِهِ قوامه، فسمى الحب حبا باسم محله،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015