وَقَالَ أَبُو يعقوب السوسي: يحتاج المسافر إِلَى أربعة أشياء فِي سفره: علم يسوسه، وورع يحجزه، ووجد يحمله، وخلق يصونه وقيل: سمي السفر سفرا لأنه يسفر عَن أخلاق الرجال.
وَكَانَ الكتاني إِذَا سافر الفقير إِلَى اليمن ثُمَّ رجع إِلَيْهِ مرة أُخْرَى يأمر بهجرانه وإنما كَانَ يفعل ذَلِكَ، لأنهم كَانُوا يسافرون إِلَى اليمن ذَلِكَ الوقت لأجل الرفق.
وقيل: كَانَ إِبْرَاهِيم الخواص لا يحمل شَيْئًا فِي السفر وَكَانَ لا يفارقه الإبرة والركوة أما الإبرة فلخياطة ثوبه إِن تمزق سترا للعورة وَأَمَّا الركوة فللطهارة وَكَانَ لا يرى ذَلِكَ علاقة ولا معلوما.
وحكي عَن أَبِي عَبْد اللَّهِ الرازي قَالَ: خرجت من طرسوس حافيا وَكَانَ معي رفيق فدخلنا بَعْض قرى الشام فجاءني فَقِير بحذاء فامتنعت من قبوله فَقَالَ: لي رفيق البس هَذَا فَقَدْ عييت فَإِنَّهُ قَدْ فتح عليك بِهَذَا النعل بسببي فَقُلْتُ: مَالِك فَقَالَ: نزعت نعلي موافقة لَك ورعاية لحق الصحبة.
وقيل: كَانَ الخواص فِي سفر ومعه ثلاثة نفر فبلغوا مسجدا فِي بَعْض المفاوز وبأنوا فِيهِ وَلَمْ يكن عَلَيْهِ بَاب وَكَانَ برد شديد فناموا فلما أصبحوا رأوه واقفا عَلَى الباب فَقَالُوا لَهُ فِي ذَلِكَ فَقَالَ: خشيت أَن تجدوا البرد وَكَانَ قَدْ وقف طول ليلته.
وقيل: إِن الكتاني استأذن أمه فِي الحج مرة فأذنت لَهُ فخرج فأصاب ثوبه البول فِي البادية فَقَالَ: إِن هَذَا لخلل فِي حالي، فانصرف، فلما دق بَاب داره أجابته أمه ففتحت فرآها جالسة خلف الباب فسألها عَن جلوسها فَقَالَتْ لَهُ مذ خرجت اعتقدت أَن لا أبرح عَن هَذَا الموضع حَتَّى أراك.
سمعت مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن يَقُول: سمعت عَبْد اللَّهِ بْن مُحَمَّد الدمشقي يَقُول: سمعت إِبْرَاهِيم بْن المولد يَقُول: سمعت إِبْرَاهِيم القصار يَقُول سافرت ثلاثين سنة أصلح قلوب النَّاس للفقراء.
وقيل: زار رجل دَاوُد الطائي فَقَالَ لَهُ: يا أبا سُلَيْمَان كانت نفسي تنازعني إِلَى لقائك منذ زمان فَقَالَ: لا بأس إِذَا كانت الأبدان هادئة والقلوب ساكنة فالتلاقي أيسر.