إِذَا استنجدوا لَمْ يسألوا من دعاهم ... لأية حرب أم لأي مكان

وحكى عَن أَبِي عَلِيّ الرباطي قَالَ: صحبت عَبْد اللَّهِ المروزي وَكَانَ يدخل البادية قبل أَن أصحبه بلا زاد ولا راحلة فلما صحبته قَالَ لي: أيما أحب إليك تكون أَنْتَ الأمير أم أنا؟ فَقُلْتُ: لا بَل أَنْتَ فَقَالَ: وعليك الطاعة فَقُلْتُ: نعم فأخذ مخلاة ووضع فِيهَا زادا وحملها عَلَى ظهره فَإِذَا قُلْت: أعطني حَتَّى أحملها قَالَ الأمير: أنا وعليك الطاعة.

قَالَ: فأخذنا المطر ليلة فوقف إِلَى الصباح عَلَى رأسي وعليه كساء يمنع عنى المطر , فكنت أقول فِي نفسي يا ليتني مت وَلَمْ أقل لَهُ أَنْتَ الأمير ثُمَّ قَالَ لي إِذَا صحبت إِنْسَانا فاصحبه كَمَا رأيتني صحبتك.

وقدم شاب عَلَى أَبِي الروذباري فلما أراد الخروج قَالَ: يَقُول الشيخ شَيْئًا فَقَالَ: يا فتى كَانُوا لا يجتمعون عَن موعد ولا يتفرقون عَن مشورة.

وعن المزين الكبير قَالَ: كنت يوما مَعَ إِبْرَاهِيم الخواص فِي بَعْض أسفاره فَإِذَا عقرب تسعى عَلَى فخذه فقمت لأقتلها فمنعني وَقَالَ دعها كُل شَيْء مفتقر إلينا ولسنا مفتقرين إِلَى شَيْء غَيْر اللَّه.

وَقَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ النصيبيني: سافرت ثلاثين سنة مَا خطت قط خرقة عَلَى مرقعتي ولا عدلت إِلَى موضع علمت أَن لي فِيهِ رفيقا ولا تركت أحدا يحمل معي شَيْئًا.

واعلموا أَن الْقَوْم استوفوا آداب الحضور من المجاهدات ثُمَّ أرادوا أَن يضيفوا إِلَيْهَا شَيْئًا فأضافوا أحكام السفر إِلَى ذَلِكَ رياضة لنفوسهم حَتَّى أخرجوها عَنِ المعلومات وحملوها عَلَى مفارقة المعارف كي يعيشوا مَعَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ بلا علاقة ولا واسطة فلم يتركوا شَيْئًا من أورادهم فِي أسفارهم وَقَالُوا الرخص لمن كَانَ سفره ضرورة ونحن لا شغل لنا ولا ضرورة فِي أسفارنا عَلَيْنَا.

سمعت أبا صادق بْن حبيب قَالَ: سمعت النصرأباذي يَقُول: ضعفت فِي البادية مرة فأيست من نفسي فوقع بصري عَلَى القمر وَكَانَ ذَلِكَ بالنهار فرأيت مكتوبا عَلَيْهِ {فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ} [البقرة: 137] فاستقللت وفتح عَلِي من ذَلِكَ الوقت هَذَا الْحَدِيث.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015