قَالَ اللَّه تَعَالَى: {وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ رَقِيبًا} [الأحزاب: 52]
أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ يَعْقُوبُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ: حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ يَزِيدَ قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ , عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ , عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِيُّ , قَالَ: جَاءَ جِبْرِيلُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي صُورَةِ رَجُلٍ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، مَا الإِيمَانُ؟ قَالَ: أَنْ تُؤْمِنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ حُلْوِهِ وَمُرِّهِ.
قَالَ: صَدَقْتَ.
قَالَ: فَتَعَجَّبْنَا مِنْ تَصْدِيقِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَسْأَلُهُ قَالَ: فَأَخْبِرْنِي مَا الإِسْلامُ؟ قَالَ: الإِسْلامُ أَنْ تُقِيمَ الصَّلاةَ وَتُؤْتِيَ الزَّكَاةَ , وَتَصُومَ رَمَضَانَ , وَتَحُجَّ الْبَيْتَ قَالَ: صَدَقْتَ.
قَالَ: فَأَخْبَرْنِي مَا الإِحْسَانُ؟ قَالَ: الإِحْسَانُ أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ قَالَ: صَدَقْتَ الْحَدِيثَ
قَالَ الشيخ: هَذَا الَّذِي قاله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فَإِن لَمْ تكن تراه فَإِنَّهُ يراك إشارة إِلَى حال المراقبة، لأن المراقبة علم العبد باطلاع الرب سبحانه وتعالى عَلَيْهِ واستدامته لِهَذَا العلم مراقبة لربه وَهَذَا أصل كُل خير لَهُ ولا يكاد يصل إِلَى هذه الرتبة إلا بَعْد فراغه من المحاسبة فَإِذَا حاسب نَفْسه عَلَى مَا سلف وأصلح حاله فِي الوقت ولازم طريق الحق وأحسن بينه وبين اللَّه تَعَالَى مراعاة القلب وحفظ مَعَ اللَّه تَعَالَى الأنفاس راقب اللَّه تَعَالَى فِي عموم أحواله فيعلم أَنَّهُ سبحانه عَلَيْهِ رقيب ومن قلبه قريب يعلم أحواله ويرى أفعاله ويسمع أقواله ومن تغافل عَن هذه الجملة فَهُوَ بمعزل عَن بداية الوصلة فكيف عَن حقائق القربة.
سمعت الشيخ أبا عَبْد الرَّحْمَنِ السلمي يَقُول: سمعت أبا بَكْر الرازي يَقُول: سمعت الجريري يَقُول: من لَمْ يحكم بينه وبين اللَّه تَعَالَى التقوى والمراقبة لَمْ يصل إِلَى الكشف والمشاهدة.