وَقَالَ سهل بْن عَبْد اللَّهِ: اليقين من زيادة الإيمانه ومن تحقيقه، وَقَالَ سهل أَيْضًا: اليقين شُعْبَة من الإيمان وَهُوَ دُونَ التصديق.
وَقَالَ بَعْضهم: اليقين هُوَ العلم المستودع فِي القلوب يشير هَذَا القائل إِلَى أَنَّهُ غَيْر مكتسب.
وَقَالَ سهل: ابتداء اليقين المكاشفة ولذلك قَالَ بَعْض السلف: لو كشف الغطاء مَا ازددت يقينا ثُمَّ المعاينة والمشاهدة، وَقَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ بْن خفيف: اليقين تحقق الأسرار بأحكام المغيبات.
وَقَالَ أَبُو بَكْر بْن طاهر: العلم بمعارضة الشكوك، واليقين لا شك فِيهِ أشار إِلَى العلم الكسبي وَمَا يجري مجرى البديهي وَكَذَلِكَ علوم الْقَوْم فِي الابتداء كسبي وَفِي الانتهاء بديهي.
سمعت مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن يَقُول: قَالَ بَعْضهم: أَوِ المقامات المعرفة ثُمَّ اليقين ثُمَّ التصديق ثُمَّ الإخلاص ثُمَّ الشهادة ثُمَّ الطاعة والإيمان اسم يجمع هَذَا كُلهُ أشار هَذَا القائل إِلَى أَن أول الواجبات هُوَ المعرفة بالله سبحانه وتعالى والمعرفة لا تحصل إلا بتقديم شرائطها وَهُوَ النظر الصائب، ثُمَّ إِذَا توالت الأدلة وحصل البيان صار بتوالي الأنوار وحصول الاستبصار كالمستغني عَن تأمل البرهان وَهُوَ حال اليقين ثُمَّ تصديق الحق سبحانه فيما أخبر عِنْدَ إصغائه إِلَى إجابة الداعي فيما يخبر من أفعاله سبحانه فِي المستأنف، لأن التصديق إِنَّمَا يَكُون فِي الإخبار ثُمَّ الإخلاص فيما يتعقبه من أداء الأوامر ثُمَّ بَعْد ذَلِكَ إظهار الإجابة بجميل الشهادة ثُمَّ أداء الطاعات بالتوحيد فيما أمر بِهِ والتجرد عما زجر عَنْهُ، وإلى هَذَا المعنى أشار الإِمَام أَبُو بَكْر بْن فورك فيما سمعته يَقُول: ذكر اللسان فضلة يفيض عَلَيْهَا القلب.
وَقَالَ سهل بْن عَبْد اللَّهِ: حرام عَلَى قلب أَن يشم رائحة اليقين وفيه سكون إِلَى غَيْر اللَّه تَعَالَى.
وَقَالَ ذو النون الْمِصْرِي: اليقين داع إِلَى قصر الأمل، وقصر الأمل يدعو إِلَى الزهد، والزهد يورث الحكمة، والحكمة تورث النظر فِي العواقب.