فبقينا أربعة أَيَّام ففتح عَلَيْنَا بشيء فَقُلْتُ: هلم فَقَالَ: أعتقدت أني لا آخذ بواسطة فَقُلْتُ: يا غلام دققت فَقَالَ: يا إِبْرَاهِيم لا تتبهرج فَإِن الناقد بصير مَالك والتوكل ثُمَّ قَالَ: أقل التوكل أَن ترد عليك موارد الفاقات فلا تسمو نفسك إلا إِلَى من إِلَيْهِ الكفايات.
وقيل: التوكل نفى الشكوك والتفويض إِلَى ملك الملوك.
وقيل: دَخَلَ جَمَاعَة عَلَى الجنيد فَقَالُوا: أين نطلب الرزق فَقَالَ: إِن علمتم أي موضع هُوَ فاطلبوه قَالُوا: فنسأل اللَّه تَعَالَى ذَلِكَ فَقَالَ: إِن علمتم أنه ينساكم فذكروه فَقَالُوا: ندخل الْبَيْت فتوكل فَقَالَ: التجربة شك قَالُوا فَمَا الحيلة فَقَالَ: ترك الحيلة.
وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَان الداراني لأحمد بْن أَبِي الحواري: يا أَحْمَد إِن طرق الآخرة كثيرة وشيخك عارف بكثير منها إلا هَذَا التوكل المبارك فإني مَا شممت بمنه رائحة.
وقيل: التوكل الثقة بِمَا فِي يد اللَّه تعالى واليأس عما فِي أيدي النَّاس.
وقيل: التوكل فراغ السر عَنِ التفكر فِي التقاضي فِي طلب الرزق.
وسئل الْحَارِث المحاسبي عَنِ المتوكل هل يلحقه طمع فَقَالَ: يلحقه من طريق الطباع خطرات ولا يضره شَيْء ويقويه عَلَى إسقاط الطمع اليأس عما فِي أيدي النَّاس.
وقيل: جاع النوري فِي البادية فهتف بِهِ هاتف أيما أحب إليك سب أَوْ كفاية فَقَالَ: الكفاية فلبس فوقها نهاية فبقي سبعة عشر يوما لَمْ يأكل.