الندم عَلَى مَا عمل من المخالفات، وترك الزلة فِي الحال، والعزم عَلَى أَن لا يعود إِلَى مثل مَا عمل من المعاصي فَهَذِهِ الأركان لابد منها حَتَّى تصح توبته قَالَ هَؤُلاءِ: وَمَا فِي الْخَبَر إِن الندم توبة إِنَّمَا نص عَلَى معظمه كَمَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الحج عرفة أي معظم أركانه عرفة أي الوقوف بِهَا لا أَنَّهُ لا ركن فِي الحج سِوَى الوقوف بعرفات ولكن معظم أركانه الوقوف بِهَا كَذَلِكَ قَوْله: الندم توبة أي معظم أركانها الندم ومن أهل التحقيق من قَالَ: يكفي الندم فِي تحقيق ذَلِكَ، لأن الندم يستتبع الركنين الآخرين فَإِنَّهُ يستحل تقدير أَن يَكُون نادما عَلَى مَا هُوَ مصر عَلَى مثله أَوْ عازم عَلَى الإتيان بمثله وَهَذَا معني التوبة عَلَى جهة التحديد والإجمال فأما عَلَى جهة الشرح والإبانة فَإِن للتوبة أسبابا وترتيبا وأقساما فأول ذَلِكَ انتباه القلب عَن رقدة الغفلة ورؤية العبد مَا هُوَ عَلَيْهِ من سوء الحالة ويصل إِلَى هذه الجملة بالتوفيق للإصغاء إِلَى مَا يخطر بباله من زواجر الحق سبحانه بسمع قلبه، فَإِنَّهُ جاء فِي الْخَبَر واعظ اللَّه فِي قلب كُل امرئ مُسْلِم وَفِي الْخَبَر إِن فِي البدن لمضغة إِذَا صلحت صلح جَمِيع الجسد وإذا فسدت فسد جَمِيع البدن ألا وَهِيَ القلب فَإِذَا فكر بقلبه فِي سوء مَا يصنعه وأبصر مَا هُوَ عَلَيْهِ من قبيح الأفعال سنح فِي قلبه إرادة التوبة والإقلاع عَن قبيح المعاملة فيعده الحق سبحانه بتصحيح العزيمة والأخذ فِي جميل الرجعى والتأهب لأسباب التوبة فأول ذَلِكَ