فالأولون هم الذين أدركوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وصحبوه. والآخرون الذين لم يلحقوا بهم هم كل من بَعْدَهم على منهاجهم إلى يوم القيامة، فيكون التَّأخُّر وعَدَمُ اللَّحاق بهم في الزمان.
وفي الآية قول آخر: إن المعنى لم يلحقوا بهم (?) في الفَضْل والمرتبة (?)، بل هم دونهم فيكون عدم اللحاق في الرتبة.
والقولان كالمتلازمَيْنِ؛ فإنَّ مَن بعدَهم لا يلحقون بهم لا في الفضل ولا في الزمان، فهؤلاء الصنفان هم السُّعَداء.
وأما من لم يَقْبَلْ هُدى اللهِ الذي بُعث به رسوله، ولم يَرْفَعْ به رأسًا، فهو من الصنف الثالث، وهم {الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا} (?).
وقد ذكر النبي - صلى الله عليه وسلم - أقسام الخلائق بالنسبة إلى دعوته وما بعثه اللهُ به [من الهدى] (?) في قوله - صلى الله عليه وسلم -: "مَثَلُ ما بعثني الله به من الهدى والعلم: كمثلِ غيثٍ أصابَ أرضًا؛ فكانت منها طائفةٌ طبِّبةٌ قَبِلَتِ الماءَ؛ فأنبتتِ الكَلأَ والعُشْبَ الكثير، وكانَ (?) منها أَجادِبُ أَمسكَتِ الماءَ؛ فسَقَى الناسُ وزَرَعُوا، وأصابَ طائفة أخرى إنما هي قِيْعَانٌ لا تُمسِكُ ماءً ولا تُنْبِتُ كَلأً، فذلك مَثَلُ من فَقُهَ في دين الله،