ولا يعود بنقضِ شرعٍ، قد وَسِعَتْهم بَسطتُه ورحمته ولينُه ومعذرتُه، واقفًا عند قوله تعالى: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ (199)} (?)، متدبرًا لما تضمنتْه هذه الآية من حسن المعاشرة مع الخلق، وأداء حقِّ اللهِ فيهمِ، والسلامة من شرهم. فلو أخذ الناسُ كلُّهم بهذه الآية لكفَتْهم وشَفَتْهم؛ فإن العفو ما عَفَا من أخلاقهم، وسَمَحَتْ به طبائعهم، ووَسِعَهم (?) بذلُه من أموالهم وأخلاقهم؛ فهذا ما منهم إليه.
وأما ما يكون منه إليهم؛ فأمرهم بالمعروف، وهو ما تَشهدُ به العقولُ وتَعرِفُ حُسْنَه، وهو ما أمر الله به.
وأما ما يَتَّقِيْ به أَذَى جاهِلهم؛ فالإعراضُ عنهم (?)، وتركُ الانتقامِ لنفسه والانتصارِ لها.
فأيُّ كمالٍ للعبدِ وراءَ هذا؟
وأي معاشرة وسياسة للعالَمِ أحسنُ من هذه المعاشرة والسياسة؟
ولو فكَّر الرَّجلُ في كل شرٍّ يَلحقُه من العالم -أعني الشرَّ الحقيقيَّ الذي لا يُوجِبُ له الرِّفعةَ والزُّلفَى من الله- وَجَدَ سببَه الإخلالَ بهده الثلاثِ أو ببعضِها (?)، وإلا فمع القيام بها، فكل ما