والشَّبُّوط جنس يكون ذُكرانه أكثر، فلا يكاد إنسانٌ يقلّ أكله للشبّوط يرى بيض الشَّبُّوط. فإذا كان إياسٌ يغلظ هذا الغلظ، فما ظنُّك بمن دونه.
زواج الإنس بالجن
وقد يكون هذا الذي نسمعه من اليمانية والقحْطانيّة، ونقرأه في كتب السِّيرة، قصَّ به القصّاص، وسمروا به عند الملوك.
وزعموا أنّ بلقيس بنت ذي مشرح، وهي ملكة سبأ، ذكرها الله في القرآن، فقال: " ولها عرْشٌ عظيمٌ "، زعموا أن أمَّها جنّيّة، وأن أباها إنسيّ، غير أن تلك الجنّيّة ولدت إنسيّةً خالصةً صرْفاً بحتاً، ليس فيها شوْب، ولا نزعها عرْق، ولا جذبها شبه، وأنَّها كانت كإحدى نساء الملوك.
فاحسُبْ أنّ التناكح يكون بين الجنّ والإنس، من أين أوجبوا التلاقح، ونحن نجد الأعرابيّ والشابَّ الشّبق، ينيكان الناقة والبقرة والعنز والنعجة، وأجناساً كثيرة، فيُفْرغون نُطفهم في أفواه أرحامها، ولم نر ولا سمعنا على طول الدهر، وكثرة هذا العمل الذي يكون من السُّفهاء، ألقح منها شيءٌ من هذه الأجناس، والأجناس على حالهم من لحم ودم، ومن النُّطف خُلقوا. وأصل الإنسان من طين، والجانّ خُلق من نار السَّموم، فشبه ما بين الجنّ والإنس، أبعد من شبه ما بين الإنسان والقرْد. وكان ينبغي للقردة أن يلقح من الإنسان.