الحمار على فرس.
وقال الآخر في عيب البغلة: شديدة السَّوس، وذلك ممّا ينقْض قُواها، ويُوهن أمرها، وهي في ذلك أهيج من هرّة وإن كانت لا تصيح صياحها، ولا تضْغو ضُغاءها، وإنما ذلك لأنّ الحافر في هذا الخُلق خلاف البُرْثُن. ألا ترى أنّ الكلب والسِّنَّوْر إذا ضُربا صاحا، وكذلك الأسد والنِّمْر والببْر والثعلب والفهْد وابن آوى وعناق الأرض. ولو أخذْت الحافر فقمطْته، فرساً كان أو برذوناً أو بغلاً أو حماراً، ثم ضربته أنت بعصاً لم يصحْ، وإن كان يجدُ فوق ما يجد غيره من الألم.
والبغلة مع ذلك تلْقح ولا تنْسل، فصار حملها بلاءً على صاحبها، لأنَّها إن وضعتْه لم يعشْ. وكلّ حامل من جميع الإناث، من شاة أو بقرة أو ناقة أو أتان أو رمكة أو حجْر، فإنّ حمْلها يكون زائداً في ثمنها، ولا تُرَدُّ تلك الحوامل بعيب الحمل؛ إلاَّ المرأة والبغلة. فأما المرأة فلشدَّة الولادة عليها، ولأنّ حدث الموت من أجل مشقَّة الولادة عليها من بين جميع الحيوان أسرع. وأمّا البغلة فلأنها إذا أقربتْ عجزت عن عملها، وإذا وضعت لم يُنتفع بولدها.