الرسائل للجاحظ (صفحة 716)

وهي مع ذلك من أغلم الدوابّ، وأبعدها من العتق، ولم نجد عظم الأيور في جميع الحيوان في أشراف الحيوان إلاّ في الفرْط، وذلك عامّ في الزنوج والحبْشان، وتجده في الحمير والبغال.

قالوا: وأير الفيل كبير، ولم يخرج من مقدار بدنه.

ولعمري إنّ الرجال ليتمنَّون عظم الأيور كما تتمنَّى النساء ضيق الأحراح.

قال محمد بن مُناذر، وأبو سعيد راوية بشَّار، قالا: ضحك بشارٌ الأعمى يوماً ونحن عنده، بعد أنْ أطال السكوت، فقلنا: ما الذي أضحكك يا أبا مُعاذ؟ قال: أضحكني أنّه ليس على ظهرها رجلٌ إلاّ وبودِّه أن أيره أكبر ممَّا هو عليه، ولا على ظهرها امرأة إلاّ وبودِّها أن حرها أضيق ممّا هو عليه. فلو أعطى الله الرجال سُولهم في العظم، وأعطى النساء سُولهنَّ في الضِّيق، لوقع العجز، وبطل التناكح، وبطل ببطلان التناكح التلاقح. وهذا لُطفٌ من ربِّك.

قالا: وقال لنا يوماً ونحن جماعة: أتدرون أيُّ الرجال يتمنَّون ضيق الأحراح، وأيّهم يتمنَّى سعتها؟ قلنا: لا. قال: إنمّا يتمنَّى السَّعة كلّ رديّ النَّعْظ، مُسترخي عصب الأير، وإنمّا يتمنَّى الضِّيق كلّ متوتّر العصب، شديد النَّعْظ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015