الرسائل للجاحظ (صفحة 715)

وقال الشاعر في سوس البغلة:

وقد سوستْ حتَّى تقاصر دونها ... هياجُ سنانير القُرى في الصَّنابرِ

وذلك من عيوبها.

قالوا: ولم تأخذ صهيل الأخوال، ولا نهيق الأعمام، وخرجت مقادير غراميلها عن غراميل أعمامها وأخوالها. فإن زعمتم أنّ أعمارها أطول، فعيوبها أكثر، وأيام الانتفاع بها أقلّ، وباعتها أفجر، والخصومة معهم أفحش، وخسرانها يوفى على أضعاف ربحها، وشرُّها غامرٌ لخيرها.

ومما تخالف أخلاق سائر المركوبات: أنك إذا سرت على الإبل والخيل والحمير والبقر، في الأسفار الطِّوال، في سواد ليلك، إلى انتصاف نهارك، ثم صارت إلى المنزل عند الإعياء والكلال، طلب جميع المركوبات المراعي والأواريّ، وأخرجت البغال بعقب ذلك التعب الطويل، أُيوراً كجعاب القسيّ، تضرب بها بطونها وصدورها، حتَّى كأنها تتعالج به من ألم السَّفر. وكلُّ دابة سواها إذا بلغت لم يكن لها همّة إلاّ المراغة والرُّبوض، والأكل والشُّرب.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015