الرسائل للجاحظ (صفحة 703)

إلى مُقابل خطْو السَّاعديْن له ... فوق السَّراة كذفْرى الفالج الغضنِ

رئبال غابٍ فلا قحْمٌ ولا ضرعٌ ... كالبغل حطَّ من المحلين في شطنِ

الحمير الأخدرية

وزعم ناسٌ من العلماء أنّ الحمير الأخْدرية، وهي أعظم حمير الوحش وأتمُّها، زعموا أنَّ أصل ذلك النِّتاج أن خيلاً لكسرى توحَّشت، وضربت في العانات، فكان نتاجها هذه الحمير التي لها هذا التمام.

وقال آخرون: الأخدريّة هي الحُمرُ التي تكون بكاظمة ونواحيها، فهي كأنها بريّة بحريّة.

قالوا: ولا يجيء فيما بين الخيل والحمير إلاَّ البغال، وليس للبغل نسْل يعيش، ولا نجل يبقى، فكيف لقحت هذه الأُتُن من تلك الخيل حميراً، ثم طبَّقت تلك الصحارى بالحمرُ الخالصة؟

وقالوا: وكان الملك من الأكاسرة إذا اصطاد عيْرا وسمه باسمه، وبيومه الذي اصطاده فيه، وأطلقه، فإنْ تهيَّأ أن يصطاد ذلك العير بعينه ملكٌ من بعده، وسمه مع وسم الملك الذي قبله بمثل تلك السِّمة وخلاَّه يذهب، فكان هذا الصنيع بعض ما كانوا يعرفون به حمير الوحش. فعسى أن تكون هذه الحمير أو بعضها صار في ذلك الصُّقع الذي هذا صفته، فإنَّ للماء والتربة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015