من لا يصونه، ووكلت ببابك من يشينه، وجعلت ترجمان كرمك من يكثر من أعدائك، وينقص من أوليائك، ويسيء العبارة عن معروفك، ويوجه وفود الذمّ إليك، ويضغن قلوب إخوانك عليه؛ إذ كان لا يعرف لشريفٍ قدرا، ولا لصديقٍ منزلة، ويزيل المراتب عن جهاتها ودرجاتها، فيحُطُّ العليّ إلى مرتبة الوضيع، ويرفع الدنيَّ إلى مرتبة الرفيع، ويقبل الرُّشى، ويقدِّّم على الهوى. وذلك إليك منسوبٌ، وبرأسك معصوب، يلزمك ذنبه، ويحلُّ عليك تقصيره.
وقد أنشدني أبو عليٍّ البصير:
كم من فتىً تحمد أخلاقه ... وتسكن الأحرار في ذمته
قد كثَّر الحاجب أعداءه ... وأحقد الناس على نعمته