فقال لي وهو مازحٌ: متى حجبك فنكه. فأتيته بعد ذلك للسلام فحجبني، فكتبت إليه رقعةً فيها:
جعلت فداءك من كلّ سوء ... إلى حسن رأيك أشكو أناسا
يحولون بيني وبين السلام ... فما إن أسلم إلا اختلاسا
وأنفذت رأيك في نافذٍ ... فما زاده ذاك إلا شماسا
وسألت نافذاً أن يوصلها ففعل، فلما قرأها ضحك حتى فحص برجليه وقال: لا تحجبه أيَّ وقتٍ جاء. فصرت لا أُحجب.
وحجب أحمد بن أبي طاهر بباب بعض الكتاب فكتب إليه: ليس لحرٍ من نفسه عوض، ولا من قدره خطر، ولا لبذل حريته ثمن. وكلُّ ممنوع فمستغنىً عنه بغيره، وكلُّ مانعٍ ما عنده ففي الأرض عوضٌ منه، ومندوحةٌ عنه. وقد قيل: أرخص ما يكون الشيء عنده غلائه. وقال بشار: " والدرُّ يُترك من غلائه ".
ونحن نعوذ بالله من المطامع الدنيّة، والهمّة القصيرة، ومن ابتذال الحرية، ولا استرقّها طمع، ولا طبعت على طبع. وقد رأيتك ولّيت عرضك