فنسأل الذي منحك حسن الرعاية أن يمنحنا حسن الطاعة.
وقد نظرت في التجارة التي اخترتها، والسوق التي أقمتها، فلم أر فيها شيئاً ينفق إلا العلم والبيان عنه، وإلا العمل الصالح والدعاء إليه، وإلا التعاون على مصلحة العباد، ونفي الفساد عن البلاد.
وأنا - مدَّ الله في عمرك - رجلٌ من أهل النظر، ومن جمال الأثر، ولا أكمل لكل ذلك ولا أفي؛ إلا أني في سبيل أهله وعلى منهاج أصحابه. والمرء مع من أحبَّ، وله ما اكتسب.
وعندي - أبقاك الله - كتابٌ جامعٌ لاختلاف الناس في أصول الفتيا، التي عليها اختلفت الفروع وتضادّت الأحكام، وقد جمعت فيه جميع الدعاوي مع جميع العلل. وليس يكون الكتاب تاماً، ولحاجة الناس إليه جامعاً، حتى تحتجّ لكلِّ قولٍ بما لا يصاب عند صاحبه، ولا يبلغه أهله؛ وحتى لا نرضى بكشف قناع الباطل دون تجريده، ولا بتوهينه دون إبطاله. وقد قال رسول ربِّ العالمين وخاتم النبيّين، محمد صلى الله عليه وسلم: " تهادوا تحابوا ".
فحث على الهدية وإن كان كراعاً وشيئاً يسيرا. وإذا دعا إلى اليسير الحقير فهو إلى الثمين الخطير أدعى، وبه أرضى.
ولا أعلم شيئاً أدعى إلى التحابِّ، وأوجب في التهادي، وأعلى منزلةً وأشرف مرتبة، من العلم الذي جعل اللَّه العمل له تبعاً، والجنة له ثواباً.
ولا عذر لمن كتب كتاباً وقد غاب عنه خصمه، وقد تكفل بالإخبار عنه، في ترك الحيطة له، والقيام بكل ما احتمله قوله. كما أنه لا عذر له في التقصير عن فساد كل قول خالف عليه، وضادَّ مذهبه، عند من قرأ كتابه