وقد كنا نعجب من حرب البسوس في ضرع نابٍ، ومن حرب بعاثٍ في مخرفٍ تمر، ومن حرب غطفان في سبق دابة. فجئتنا أنت بنوع من العجب أبطل كل عجب، وآنسنا بكل غريب، وحسن عندنا كل قبيح، وقرب عندنا كل بعيد.
فأن جهلت - أعزك الله - غضبك فمثلي جهل ما لا علة له، وإن عجزت عن احتمال عقابك فمثلي ضجَّ مما لا يطيق حمله. ولا عار على جازعٍ إلا فيما يمكن في مثله الصبر، ولا لوم على جاهل فيما لا ينجح في مثله الفكر.
وليس هذا أول شركٍ نصبته، ولا أول كيد أرغته، ولا هي بأول زبية غطيتها وسترتها، وحيلةٍ أكمنتها وربصتها.
وقد كانت التقيَّة والاقتصاد أسلم، بل كان العفو أرحم، والتغافل أكرم.