الرسائل للجاحظ (صفحة 231)

ولو كان إذ لم يكن في وزنه وقع قريباً، وإذْ لم يكن عدله وقع مُشبها كان أهون في موضع الضرر، وأسهل في مخرج السماع.

فأي شيءٍ بقيت للعدو المكاشف والمنافق الملاطف، وللمعتمد المصر وللقادر المدل.

ومن عاقب على الصغير بعقوبة الكبير، وعلى الهفوة بعقوبة الإصرار، وعلى الخطأ بعقوبة العمد، وعلى معصية المتستر بعقوبة معصية المعلن، ومن لم يفرق بين الأعالي والأسافل، وبين الأقاصي والأداني، عاقب على الزنى بعقوبة السرق، وعلى القتل بعقوبة القذف. ومن خرج إلى ذلك في باب العقاب خرج إلى مثله في باب الثواب. ومن خرج من جميع الأوزان وخالف جميع التعديل، كان بغاية العقاب أحق، وبه اولى.

والدليل على شدة غيظك وغليان صدرك قوة حركتك وإبطاء فترتك وبعد الغاية في احتيالك. ومن البرهان على ثبات الغضب، وعلى كظم الذنب تمكن الحقد ورسوخ الغيظ، وبعد الوثبة وشدة الصولة.

وهذا البرهان صحيحٌ ما صح النظم، وقام التعديل، واستوت الأسباب ولا أعلم ناراً أبلغ في إحراق أهلها من نار الغيظ، ولا حركةً أنقض

طور بواسطة نورين ميديا © 2015