الخطأ؛ لأنه ليس كل راجحٍ وعاقلٍ بناصحٍ لصاحب السر، ولو كان أخوه كذلك كان أمره إليه أهمّ، وشأنه أولى. والأعلى من الناس لا يكلف الأدنى هذه المؤونة، وإنما يفعلها الأدنون بالأعلين رغبةً ورهباً، وتحسناً عندهم بحاجتهم إليهم.
وأكثر ما يذيع أسرار الناس أهلوهم وعبيدهم، وحاشيتهم وصبيانهم، ومن لهم عليهم اليد والسلطان. فالسر الذي يودعه خليفةٌ في عاملٍ له يلحقه زينه وشينه، أخرى ألا يكتمه. وهذا سبيل كل سرٍ يستودعه الجلة والعظماء، ومن لا تبلغه العقوبة ولا تلحقه اللائمة.
وقال سليمان بن داود في حكمته: ليكن أصدقاؤك كثيراً، وصاحب سرك واحداً من ألف.
وليس معنى الحديث أن تعد ممن تعرف ألفاً وتقضي إلى واحد بسرك إنْ لم يكن ذلك الواحد موضعاً للأمانة في السر. لكنه قيل: رجلٌ يساوي ألف رجل، ورجلٌ لا يساوي رجلاً. وكقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: " الناس كإبلٍ مائةٍ لا يوجد فيها راحلةٌ ".
فكل ذلك يراد به أنَّ الفضل قليل والنقص قليل لا على نسب ما يتلقاه الاجتماع من هذه الأعداد؛ لأنَّا قد نجد الرجل يوزن بالأمة، ونجد الأمة لا تساوي قلامة ظفر الرجل.