منه، بسحاءة أو طابع، أو لحظة مطلعٍ في الكتاب، أو حرفٍ تبيَّن من ظهره.
فاستيقظ عند هذه الأحوال، واستعمل سوء الظَّنّ بجميع الأنام؛ فإنه روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " الحزم سوء الظَّنّ ". وقيل لثقيف: بم بلغتم من الشَّرف والسؤدد؟ قالوا: بسوء الظَّنّ.
فلا تعتمد على رجل في سرِّك تحمد عقله دون أن تحمد ودَّه ونصحه؛ فإنَّ الأمر في ذلك كما قال الشاعر:
وما كلُّ ذي لبٍّ بمؤتيك نُصحَه ... ولا كلُّ مؤتٍ نصحه بلبيبِ
ولقد استحسن الناس من بعض رجال العراق أنه دخل على عبد الملك بن مروان فأوقع بالحجَّاج عنده وسبَّه، فلما خرج من عنده خبَّر بما كان منه لبعض أصحابه، فلامه وأنَّبه وقال: ما يؤمنك أن يخبر أمير المؤمنين عبد الملك الحجاج بما قلت فيه - ومرجعك إلى العراق - فيضغنه عليك؟ قال: كلا، والله إني ما رطلت يدي قط أحداً أرزن منه.
هذا والله - أبقاك الله - الغلط البين، والعذر الملفق، وتحسين فارط