وأبلغ في المشقة والمكابدة، من صبر الشكل على أذى شكله، واحتمال المظلوم عن مثله، وإن خاف الطمس، وتوقع العيب.
فصل منه
ومن بعد هذا، فمن شأن الأيام أن يظلم المرء أكثر محاسنه ما كان تابعاً، فإذا عاد متبوعاً عادت عليه من محاسن غيره بأضعاف ما منعته من محاسن نفسه، حتى يضاف إليه من شوارد الأفعال، ومن شواذ المكارم إن كان سيداً، ومن غريب الأمثال إن كان منطيقاً، ومن خيار القصائد إن كان شاعراً، مما لا أمارات لها، ولا سمات عليها.
فكم من يد بيضاء وصنيعة غراء، ضلت فلم يقم بها ناشد، وخفيت فلم يظهرها شاكر. والذي ضاع للتابع قبل أن يكون متبوعاً، أكثر مما حفظ، والذي نسي أكثر مما ذكر، وما ظنك بشيء بقيته تهب السادة، ومشكوره يهب الرياسة، على قلة الشكر، وكثرة الكفر.
وقد يكون الرجل تام النفس ناقص الأداة، فلا يستبان فضله، ولا يعظم قدره، كالمفرج الذي لا عشيرة له، والإتاوي الذي