الرسائل للجاحظ (صفحة 1325)

الصريع، ويجهز على الجريح، ويطلب الهارب، ويهرب من الطالب، ولا يطلب من الطوائل إلا ما لا خطار فيه ولا يتكبر إلا حيث لا يرجع مضرته عليه، ولا يقفو التقية ولا المروءة، ولا يعمل على حقيقته.

ومن اختار أن يبغي تبدى، ومن أراد أن يسمع قوله ساء خلقه، إذ كان لا يحفل ببغض الناس له ووحشة قلوبهم منه، واحتيالهم في مباعدته، وقلة ملابسته.

وليس يأمن اللئيم على إتيان جميع ما اشتمل عليه اسم اللؤم إلا حاسد.

فإذا رأيته يعق أباه، ويحسد أخاه، ويظلم الضعيف، ويستخف بالأديب، فلا تبعده من الخيانة، إذ كانت الخيانة لؤماً؛ ولا من الكذب، إذ كان الكذب لؤماً؛ ولا من النميمة، إذ كانت النميمة لؤماً. ولا تأمنه على الكفر فإنه ألأم اللؤم، وأقبح الغدر.

ومن رأيته منصرفاً عن بعض اللؤم، وتاركاً لبعض القبيح، فإياك أن توجه ذلك منه على التجنب له، والرغبة عنه، والإيثار لخلافه،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015