الرسائل للجاحظ (صفحة 1320)

فصل منه

واعلم أنك متى لم تأخذ للنبل أهبته، ولم تقم له أداته، وتأته من وجهه، وتقم بحقه، كنت مع العناء مبغضاً، ومع التكلف مستصلفاً. ومن تبغض فقد استهدف للشتام، وتصدى للملام.

فإن كان لا يحفل بالشتم، ولا يجزع من الذم، فعده ميتاً إن كان حياً؛ وكلباً إن كان إنساناً.

وإن كان ممن يكترث ويجزع، ويحس ويألم، فقد خسر الراحة والمحبة، وربح النصب والمذمة.

وبعد، فالنبل كلف بالمولي عنه، شنف للمقبل عليه، لازق بمن رفضه، شديد النفار ممن طلبه.

فصل منه

والسيد المطاع لم يسهل عليه الكظم، ولم يكن له كنف الحلم، إلا بعد طول تجرع للغيظ، ومقاساة للصبر. وقد كان معنى القلب دهره، ومكدود النفس عمره، والحرب سجال بينه وبين الحلم، ودول بينه وبين الكظم. فلما انقادت له العشيرة، وسمحت له بالطاعة، ووثق بظهور القدرة خلاف المعجزة سهل عليه الصبر، وغمر

طور بواسطة نورين ميديا © 2015