الرسائل للجاحظ (صفحة 1310)

وأنه قل ما يمشي على ظهرها من دابة، إلا وهو للمرء عدو، وللموت رسول، وعلى الهلكة دليل لم يمتنع في عقولنا، وآرائنا ومعرفتنا من الإقرار بتفضيل البطن على الظهر في كل وقت، وعلى كل حال.

ومن فضيلة البطن على الظهر أن أحداً إن ابتلي فيه بداء كان مستوراً، وإن شاء أن يكتمه كتمه عن أهله، ومن لا ينطوي عنه شيء من أمره، وغابر دهره.

ومن بلية الظهر أنه إن كان داء ظهر وبان، مثل الجرب والسلع والخنازير وما أشبهها، مما سلمت منه البطون وجعل خاصاً في الظهور.

وفضل الله تعالى البطون بأن جعل إتيان النساء، وطلب الولد، والتماس الكثرة مباحاً من تلقائها، محرماً في المحاش من ورائها، لأنه حرام على الأمة إتيان النساء في أدبارهن، لما جاء في الحديث عن الصادق صلى الله عليه وسلم: " لا تأتوا النساء في محاشهن ".

وقد ترى بطانة الثوب تقوم بنفسها، ولا ترى الظهارة تستغني.

وجعل الله تعالى البطن وعاءً لخير خلقه محمد صلى الله عليه وسلم، ثم جعل أول دلائل نبوته أن أهبط إليه ملكاً حين أيفع، وهو يدرج

طور بواسطة نورين ميديا © 2015