الأنيق من حيزه، وفي الظهر من العيب، إلا أن الدبر في جانبه، لكان فيها أوضح الأدلة على كرم البطن ولؤم الظهر.
ولم نرهم وصفوا الرجل بالفحولة والشجاعة إلا من تلقائه، وبالخبث والأبنة إلا من ظهره.
وإذا وصفوا الشجاع قالوا: مر فلان قدماً، وإذا وصفوا الجبان قالوا: ولى مدبراً.
ولشتان بين الوصفين: بين من يلقى الحرب بوجهه وبين من يلقاه بقفاه، وبين الناكح والمنكوح، والراكب والمركوب، والفاعل والمفعول، والآتي والمأتي، والأسفل والأعلى، والزائر والمزور، والقاهر والمقهور.
ولما رأينا الكنوز العادية والذخائر النفيسة، والجواهر الثمينة مثل الدر الأصفر، والياقوت الأحمر، والزمرد الأخضر، والمسك والعنبر والعقيان واللجين، والزرنيخ والزئبق، والحديد والبورق، والنفط والقار، وصنوف الأحجار، وجميع منافع العالم وأدواتهم وآلاتهم، لحربهم وسلمهم، وزرعهم وضرعهم، ومنافعهم ومرافقهم ومصالحهم، وسائر ما يأكلونه ويشربونه، ويلبسونه ويشمونه، وينتفعون برائحته وطعمه، ودائع في بطون الأرض، وإنما يستنبط منها استنباطاً، ويستخرج منها استخراجاً، وأن على ظهرها الهوام القاتلة، والسباع العادية التي في أصغرها تلف النفوس ودواعي الفناء وعوارض البلاء،