الرسائل للجاحظ (صفحة 1291)

ورأينا بها مسجداً خراباً تأويه الكلاب والسباع، وهو يضاف إلى علي بن أبي طالب، رضوان الله عليه.

ولو كان بالبصرة بيت دخله علي بن أبي طالب ماراً لتمسحوا به وعمروه بأنفسهم وأموالهم.

وخبرني من بات أنه لم ير كواكبها زاهرة قط، وأنه لم يرها إلا ودونها هبوة، وكأن في مائهم مزاج دهن. وأسواقهم تشهد على أهلها بالفقر. وهم أشد بغضاً لأهل البصرة من أهل البصرة لهم؛ وأهل البصرة هم أحسن جواراً، وأقل بذخاً، وأقل فخراً.

ثم العجب من أهل بغداد وميلهم معهم، وعيبهم إيانا في استعمال السماد في أرضنا ولنخلنا، ونحن نراهم يسمدون بقولهم بالعذرة اليابسة صرفاً، فإذا طلع وصار له ورق ذروا عليه من تلك العذرة اليابسة حتى يسكن في خلال ذلك الورق.

ويريد أحدهم أن يبني داراً فيجيء إلى مزبلة، فيضرب منها لبناً، فإن كانت داره مطمئنة ذات قعر حشا من تلك المزبلة التي لو وجدها أصحاب السماد عندنا لباعوها بالأموال النفيسة.

ثم يسجرون تنانيرهم بالكساحات التي فيها من كل شيء، وبالأبعار والأخثاء، وكذلك مواقد الكيران.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015