الرسائل للجاحظ (صفحة 1285)

لا يرعون الخيل في الصيف على أواريها على شاطئ دجلة، ولا يسقونها من مائها، لما يخاف عليها من الصدام، وغير ذلك من الآفات.

وأصحاب الخيل من العتاق والبراذين إنما يسقونها بسر من رأى، مما احتفروها من كارباتهم ولا يسقونها من ماء دجلة؛ وذلك أن ماء دجلة مختلط، وليس هو ماءً واحداً، ينصب فيها من الزابين والنهروانات وماء الفرات، وغير ذلك من المياه.

واختلاف الطعام إذا دخل جوف الإنسان من ألوان الطبيخ والإدام غير ضار، وإن دخل جوف الإنسان من شراب مختلف كنحو الخمر والسكر ونبيذ التمر والداذي كان ضاراً. وكذلك الماء، لأنه متى أراد أن يتجرع جرعاً من الماء الحار لصدره أو لغير ذلك، فإن أعجله أمر فبرده بماء بارد ثم حساه ضره ذلك، وإن تركه حتى يفتر ببرد الهواء لم يضره. وسبيل المشروب غير سبيل المأكول.

فإن كان هذا فضيلة مائنا على ماء دجلة فما ظنك بفضله على ماء

طور بواسطة نورين ميديا © 2015