الرسائل للجاحظ (صفحة 1246)

إن الحديث تغر القوم خلوته ... حتى يكون له عي وإكثار

وبئس الشيء العجب، وحسن الظن بالبديهة! واعلم أن هذه الحال التي ارتضيتها لشأنك هي أمنية العدو، وتهزة الخصم، ومتى أبرزت كتابك على هذه الصورة وأفرغته هذا الإفراغ، ثم سبكته هذا السبك، فليس بعدوك حاجة إلى التكذيب عليك، وقول الزور فيك، لأنك قد مكنته من عرضك، وحكمته في نفسك.

وبعد، فمن يعجز عن عيب كتاب لم يحرس بالتثبت، ولم يحصن بالتصفح، ولم يغب بالمعاودة والنظر، ولم يقلب فيه الطرف من جهة الإشفاق والحذر. فكيف يوفق الله الواثق بنفسه، والمستبد برأيه لأدب ربه، ولما وصى به نبيه صلى الله عليه وسلم حين قال لرجل خاصم عنده رجلا فقال في بعض كلامه: حسبي الله! فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " أبل الله من نفسك عذراً، فإذا غلبك أمر فقل: حسبي الله "

طور بواسطة نورين ميديا © 2015