الرسائل للجاحظ (صفحة 1224)

فصل منه

فإن ابتليت في بعض الأوقات بمن يتقرب بحرمة، ويمت بدالة، يطلب المكافأة بأكثر مما يستوجب، فدعاك الكرم والحياء إلى تفضيله على من هو أحق به، إما خوفاً من لسانه، أو مداراة لغيره، فلا تدع الاعتذار إلى من هو فوقه من أهل البلاء والنصيحة وإظهار ما أردت من ذلك لهم؛ فإن أهل خاصتك والمؤتمنين على أسرارك، هم شركاؤك في العيش، فلا تستهينن بشيء من أمورهم، فإن الرجل قد يترك الشيء من ذلك اتكالاً على حسن رأي أخيه، فلا يزال ذلك يجرح في القلب وينمو، حتى يولد ضغناً ويحول عداوة.

فتحفظ من هذا الباب، واحمل إخوانك عليه بجهدك.

وستجد من يتصل بك ممن يغلبه إفراط الحرص، وحميا الشره، ولين جانبك له، على أن ينقم العافية، ويطلب اللحوق بمنازل من ليس مثله، ولا له مثل دالته، فتلقاه لما تصنع به مستقلاً. ولمعروفك مستصغرا.

وصلاح من كانت هذه حاله بخلاف ما فسد عليه أمره.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015