الرسائل للجاحظ (صفحة 121)

لك ينشرون محاسنك، ويحاجون عنك. ولا يحملنك استطراف صديق ثانٍ على ملالةٍ للصديق الأول؛ فأن ذلك سبيل أهل الجهالة، مع ما فيها من الدناءة وسوء التدبير، وزهد الأصدقاء جميعاً في إخائك. والله يوفقك.

وستجد في الناس من قد جربته الرجال قبلك، ومحضه اختبارهم لك. فمن كان معروفاً بالوفاء في أوقات الشدة وحالات الضرورة، فنافس فيه واسبق إليه؛ فإن اعتقاده أنفس العقد. ومن بلاه غيرك فكشف عن كفر النعمة، والغدر عند الشدة، فقد حذرك نفسه وإن آنسك وكما غدر بغيرك يغدر بك؛ فإن من شيمته الوفاء يفي للصديق والعدو، ومن طبيعته الغدر لا يفي لأحد، وإنما يميل مع الرجحان: يذل عند الحاجة ويشمخ مع الاستغناء.

فاحذر ذلك أشد الحذر. واعلم أن الحكماء لم تذم شيئاً ذمها أربع خلال:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015