يخلو أمركم من أحد وجهين: إما أن تكونوا صادقين على أنفسكم، أو كاذبين عليها؟ فإن كنتم صادقين فقد صار قلب المحق كقلب المبطل؛ إذ كان كل واحد عند نفسه مستشهداً للضرورات.
وإن كنتم كاذبين فهل منكم محق إلا وهو يلقى الخصم بمثل دعواه في استشهاد الضرورات؟ وهل منكم واحد على حياله محقاً أو مبطلا إلا وجوابه لنا مثل جواب صاحبه. فإذا كانت القلوب قد تكون عند أنفسها مستشهدة للضرورات، وهي غير مستشهدة لها، وكون القلب كذلك هو علامة الحق، فما الفرق بين قلب المحق والمبطل؟ ومع ذلك إنا وجدنا صاحبكم قبلكم ووجدناكم بعده قد رجعتم عن أقاويل كثيرة، بعد أن كان جوابكم لمن سألكم ما يؤمنكم أن تكونوا على باطل، أن تقولوا: استشهادنا للضرورات. ونحن لو سألناكم عما رجعتم عنه، فقلنا لكم: لعلكم على خطأ، ولعلكم من هذه الأقاويل على غرر، لم يعد جوابكم استشهاد الضرورات.