الرسائل للجاحظ (صفحة 1203)

أن يستشهد الخفي، بل من شأن الناس أن يستدلوا بالظاهر على الباطن إذا أرادوا النظر والقياس؛ ثم هم بعد ذلك يخطئون أو يصيبون.

وقلنا: فينبغي أن يكون كل مبطل في الأرض قد علم حين يقال له: ما يؤمنك أن تكون مبطلا؟ أنه لم يستشهد الضرورات، وأنكر أصله الذي قاس عليه واستنبط منه ضرورة، وأنه إنما قال بالعسف أو بالتقليد. وإذا كانوا كذلك فهل يخلو أمرهم من أن يكونوا قد علموا أنهم على خطاء أو يكونوا شكاكاً، أو يكونوا عند أنفسهم مستشهدين للضرورات، وإن كانوا قد تركوا ذلك عند بعض المقدمات. فإن كانوا قد علموا أنهم لم يستشهدوا الضروريات، وإن كانوا شكاكاً فيها؛ فليس على ظهر الأرض مخطىء إلا وهو عالم بموضع خطائه، أو شاك فيه. أو كانوا عند أنفسهم مستشهدين للضرورات، فما يؤمنكم أن تكونوا كذلك؟ فإن قالوا: ليس أحد يعرف أن علامة الحق استشهاد الضرورات غيرنا.

قلنا: أو لستم معشر أبي إسحاق النظام تختلفون في أمور كثيرة، وقد كنتم تخالفون صاحبكم خلافاً كثيراً، وكلكم إذا سأله سائل: ما يؤمنك أن تكون على باطل؟ قال: لأني مستشهد للضرورات. فهل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015