فإن قالوا: لا يجوز أن يلفظ بالمعاينة إلا في الشيء الذي تقع عينه علي، وتقع عيني عليه. فأما إذا كان أحدنا ذا عين، والآخر ليس ذا عين، فغير جائز أن تسمى الرؤية معاينة، وإنما المعاينة مثل المخاصمة؛ ولا يجوز أن أقول: خاصمت إلا وهناك من يخاصمني.
قلنا: قد يقول الناس أسلم فلان حين عاين السيف، وليس للسيف عين، وليس هناك من يقاتله. على أنكم قد تزعمون أن لله عيناً لا كالعيون ويداً لا كالأيدي، وله عين بلا كيف، وسمع بلا كيف.
فصل منه
وقالت - أيضاً - المشبهة: الدليل على أنه جسم قوله عز ذكره: " وجاء ربك والملك صفاً صفاً ". قالوا: فلا يجيء إلا إلى مكان هو فيه؛ ولو جاز أن يجيء إلى مكان هو فيه جاز أن يخرج منه وهو فيه. فإذا أخبر الله أنه في السموات والأرض، وقلتم إن الدنيا كلها لا تخلو منه، وإنه فيها، فإذا كان الأمر كذلك، وكانت الدنيا محدودة، كان الذي يكون في بعضها أو في كلها محدوداً، إذا كان لم يجاوزها. ولو جاوزها لخرج إلى مكان، ولا يجوز أن يخرج منها إلا إلى مكان.