وأما قول أحمد: من رد الوقف فكأنما رد السنة، فهذا حق، ومراده وقف رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه كما ذكره أحمد في كلامه. وأما وقف الإثم والجنف، فمن رده فقد عمل بالسنة وردّ البدعة، واتبع القرآن.
وأما قوله: إن في صدقة رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يأكل بالمعروف، وإن زيداً وعمراً سكنا داريهما التي وقفا، فيا سبحان الله! من أنكر هذا؟ وهذا كمن وقف مسجداً وصلى فيه وذريته، أو وقف مسقاة واستسقى منها وذريته؛ وقول الخرقي: والظاهر أنه عن شرط، فكذلك، وهذا شرط صحيح وعمل صحيح، كمن وقف داره على المسجد، أو أبناء السبيل، أو استثنى سكناها مدة حياته؛ وكل هذا يردون به على أهل الكوفة، فإن هذا ليس من وقف الجنف والإثم.
وأما قوله: " ابدأ بنفسك، ثم بمن تعول " 1، وقوله: " صدقتك على رحمك صدقة وصلة " 2، وقوله: " ثم أدناك أدناك "، وأشباه ذلك، فكل هذا صحيح لا إشكال فيه، لكن لا يدل على تغيير حدود الله.
فإذا قال: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ} 3 ووقف الإنسان على أولاده، ثم أخرج نسل الإناث محتجاً بقوله: " ثم أدناك أدناك "، أو صلة الرحم، فمثله كمثل رجل أراد أن يتزوج خالة أو عمة فقيرة، فتزوجها يريد الصلة، واحتج بتلك الأحاديث. فإن قال: إن الله حرم نكاح الخالات والعمات، قلنا: وحرم تعدي حدود الله التي حد في سورة النساء، قال تعالى: {وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَاراً خَالِداً فِيهَا} 4. فإذا قال: الوقف ليس من هذا، قلنا: هذا مثل قوله: من تزوج خالته إذا تزوجها لفقرها ليس من هذا، فإذا كان عندكم بين المسألتين فرق فبينوه.
وأما قول عمر: " إن حدث