امرأة، أو امرأة ابن، أو نسل بنات، أو غير ذلك، أو يعطي من حرمه الله، أو يزيد أحداً عما فرض الله، أو ينقصه من ذلك، ويريد التقرب إلى الله بذلك مع كونه مبعداً عن الله، فالأدلة على بطلان هذا الوقف، وعوده طائعاً، وقسمه على قسم الله ورسوله، أكثر من أن تحصر؛ ولكن من أوضحها: دليل واحد، وهو أن يقال لمدعي الصحة: إذا كنت تدعي أن هذا مما يحبه الله ورسوله، وفعْله أفضل من تركه، وهو داخل فيما حض عليه النبي صلى الله عليه وسلم من الصدقة الجارية، وغير ذلك، فمعلوم أن الإنسان مجبول على حبه لولده وإيثاره على غيره، حتى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال الله تعالى: {إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ} 1. فإذا شرع الله لهم أن يوقفوا أموالهم على أولادهم، ويزيدوا من شاؤوا، أو يحرموا النساء والعصبة ونسل البنات، فلأي شيء لم يفعل ذلك أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ ولأي شيء لم يفعله التابعون؟ ولأي شيء لم يفعله الأئمة الأربعة وغيرهم؟ أتراهم رغبوا عن الأعمال الصالحة ولم يحبوا أولادهم، وآثروا البعيد عليهم، وعلى العمل الصالح، ورغب في ذلك أهل القرن الثاني عشر؟ أم تراهم خفي عليهم حكم هذه المسألة، ولم يعلموها حتى ظهر هؤلاء فعلموها؟ سبحان الله ما أعظم شأنه وأعز سلطانه! فإن ادعى أحد أن الصحابة فعلوا هذا الوقف، فهذا عين الكذب والبهتان؛ والدليل على هذا أن هذا الذي تتبع الكتب، وحرص على الأدلة، لم يجد إلا ما ذكره، ونحن نتكلم على ما ذكره.
فأما حديث أبي هريرة الذي فيه: " صدقة جارية " فهذا حق، وأهل العلم استدلوا به على من أنكر الوقف على اليتيم وابن السبيل والمساجد، ونحن أنكرنا على مَن غيّر حدود الله، وتقرب بما لم يشرعه. ولو فهم