كلامه هذا في عليّ، فكيف بمن ادعى أن ابن عربي أو عبد القادر إله؟ وتأمل كلام الشيخ في معنى الإله الذي تألهه القلوب. واعلم أن المشركين في زماننا قد زادوا على الكفار في زمن النبي صلى الله عليه وسلم، بأنهم يدعون الأولياء والصالحين في الرخاء والشدة، ويطلبون منهم تفريج الكربات وقضاء الحاجات، مع كونهم يدعون الملائكة والصالحين، ويريدون شفاعتهم والتقرب بهم، وإلا فهم مقرّون بأن الأمر لله؛ فهم لا يدعونهم إلا في الرخاء، فإذا جاءتهم الشدائد أخلصوا لله، قال الله تعالى: {وَإِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ} 1 الآية.
وقال أيضا في الإقناع في الباب: ويحرم تعلم السحر وتعليمه وفعله، وهو عقد ورقي وكلام يتكلم به أو يكتبه، أو يعمل شيئاً يؤثر في بدن المسحور أو قلبه أو عقله، ومنه ما يقتل، ومنه ما يمرض، ومنه ما يأخذ الرجل عن امرأته فيمنعه وطأها، ومنه ما يبغض أحدهما للآخر، ويحبب بين اثنين، ويكفر بتعلمه وفعله، سواء اعتقد تحريمه أو إباحته. فتأمل هذا الكلام، ثم تأمل ما جرى في الناس خصوصاً الصرف والعطف، تعرف أن الكفر ليس ببعيد. وعليك بتأمل هذا الباب في الإقناع وشرحه تأملاً جيداً. وقف عند المواضع المشكلة، وذاكر فيها كما تفعل في باب الوقف والإجارة، يتبين لك إن شاء الله أمر عظيم.
وأما الحنفية، فقال الشيخ قاسم في شرح درر البحار: النذر الذي يقع من أكثر العوام، وهو أن يأتي إلى قبر بعض الصلحاء قائلاً: يا سيدي فلان، إن ردّ غائبي، أو عوفي مريضي، أو قضيت حاجتي، فلك كذا وكذا، باطل إجماعاً لوجوه، منها: أن النذر للمخلوق لا يجوز، ومنها: ظن أن الميت يتصرف