إلى الآن ما عرفوا دين الرسول، وأنهم يستنكرون الأمر الذي لم يألفوه، لكان شأن آخر. بل والله الذي لا إله إلا هو، لو يعرف الناس الأمر على وجههن لأفتيت بحل دم ابن سحيم وأمثاله، ووجوب قتلهم، كما أجمع على ذلك أهل العلم كلهم، لا أجد في نفسي حرجاً من ذلك؛ ولكن إن أراد الله أن يتم هذا الأمر، تبين أشياء لم تخطر لكم على بال.
وإن كانت من المسائل التي إذا طلبتم الدليل بينا أنها من إجماع أهل العلم، وبالحاضر لا يخفاكم أن معي غيظ عظيم ومضايقة من زعلكم، وأنتم تعلمون أن رضى الله ألزم والدين لا محاباة فيه. وأنتم من قديم لا تشكّون فيّ، والآن غايتكم قريبة وداخلتكم الريبة، وأخاف أن يطول الكلام فيجري فيه شيء يزعلكم، وأنا فيّ بعض الحدة. فأنا أشير عليكم وألزم أن عبد الوهاب يزورنا سواء كان يومين وإلا ثلاثة، وإن كان أكثر يصير قطعاً لهذه الفتنة، ويخاطبني وأخاطبه من الرأس. وإن كان كبر عليه الأمر، فيوصي لي وأعني له؛ فإن الأمر الذي يزيل زعلكم ويؤلف الكلمة ويهديكم الله بسببه نحرص عليه، ولو هو أشق من هذا، اللهم إلا أن تكونوا ناظرين 1 شيئاً من أمر الله، فالواجب عليكم اتباعه، والواجب علينا طاعتكم والانقياد لكم، وإن أبينا كان الله معكم وخلقه.
ولا يخفاكم أنه وصلني أمس رسالة في صفة مذاكرتكم في التذكير، وتطلبون مني جواباً عن أدلتكم، وأنتم ضحكتم على ابن فيروز، وتسافهتموه وتساخفتم عقله في جوابه، وانحرفتم تعدلون عداله؛ لكن ما أنا بكاتب لهم جواباً لأن الأمر معروف أنه منكم، وأخاف أن أكتب لهم جواباً فينشرونه فيزعلكم، وأشوف غايتكم قريبة، وتحملون الأمر على غير محمله. والسلام.